GibranAdmin2022-10-01T12:35:39+00:00
مع الانفتاح وانهيار الحواجز بين الشعوب والثقافات الذي سببته كلٌّ من العولمة والتكنولوجيا، بدأت أنواع المحتوى الإلكتروني من أفلام أو مسلسلات وغيرها من المواد الإعلانية في الانتشار في أوساط ثقافية متنوعة وتوسّعت حركة الترجمة بشكل لافت لتنقل للجماهير ذات الألسنة المختلفة الرسالة الإنسانية ذاتها، وتُوَحّد لغة القيم والحكايات لشعوب تعيش على أراضٍ مختلفة.
وتُعد ترجمة الفيديو عملية أكثر تعقيدًا من الترجمة البسيطة، لأنها تتضمن صناعة محتوى مَوجّه لقطاع مختلف الثقافات من الجمهور وتختلف أدواته كذلك. حيث تنطوي عملية التحويل الثقافي تلك على طريقتيْن تقنيتيْن لصياغة المحتوى؛ ألا وهما ترجمة الفيديو والدبلجة، وقبل قيامك بالاختيار بين الطريقتيْن عليك أولًا إدراك مفهوم كل منهما وما يتميز به أحدهما عن الآخر.
- ترجمة الفيديو (Subtitling)
وتعني الإبقاء على النص السينمائي أو الحوار المسموع بصورته الأصلية مع إدراج ترجمته باللغة الهدف داخل مقطع الفيديو والتي تظهر عادة في الجزء الأسفل من الشاشة.
- دبلجة الفيديو (Dubbing)
استبدال الحوار الشفهي المنطوق باللغة الأصلية بترجمته الشفهية، وفي الإنتاج السينمائي تُفعّل الدبلجة قبل إصدار الفيلم. ويقوم بالدبلجة ممثلو الأداء الصوتي أو المدبلجون الذين يقومون بإلقاء النص الأصلي بعدما تُرجم إلى لغة أخرى ليُستخدم كبديل للحوار الأصلي لممثلي الفيلم الحقيقيين ويُدمج في الفيديو.
الترجمة أم الدبلجة في صناعة محتوى الفيديو؟
وكي تستطيع أن تقرر الطريقة الأمثل لترجمة محتوى الفيديو الخاص بك، نقدم لك معادلة بسيطة عن النقاط الإيجابية والسلبية لكل تقنية منهما.
- ترجمة الفيديو (Subtitling)
إن كنت أحد المذكورين في القائمة الصغيرة الآتية فحتمًا ترجمة الفيديو قد صُنعت لك.
- متعلّمو اللغات الأجنبية
هم الجمهور الأكثر استفادة من ترجمة الفيديو، لأنّ المترجمين على قدر عالٍ من الكفاءة ويقدمون لك نصًا رصينًا صحيح القواعد والتراكيب، فتساعدك على اكتساب المفردات اللغوية الجديدة والإنصات إلى نطق الكلمات وملاحظة قواعد النحو. لذا يمكن للترجمة مساعدتك على التعلّم وتطوير قدراتك اللغوية أثناء استمتاعك بالمشاهدة.
- أصحاب الضعف السمعي
توفّر لهم ترجمة الفيديو رحلة ممتعة بلا متاعب أثناء متابعة فيلمهم المُفضل، فلن يكون هناك حلقات مفقودة أو أجزاء غامضة في الفيلم بالنسبة لهم بفضل النصّ المكتوب على الشاشة.
- أصحاب اللهجات الأخرى
ممّن يصعب عليهم استيعاب اللهجة المنطوقة المستخدمة في الفيديو، لن يعانوا من أي مشكلات في متابعة الفيديو، فالنصّ ينتمي إلى لغتهم الأصلية ولا فرق إن كانت اللهجة مختلفة.
- أصحاب المنصات الإلكترونية ورواد التسويق بالمحتوى
حيث تساهم ترجمة الفيديو في تطويع المحتوى بقواعد تحسين محركات البحث أو SEO، كما توفر للمستخدم تجربة أفضل وأكثر جاذبية.
أما إن كنت ممّن يعانون من التشتت ولا يمكنك التركيز في الترجمة المكتوبة والحوار المسموع في آن واحد، فلا شك أنّ ترجمة الفيديو ليست الخيار الأمثل بالنسبة لك. وأيضًا تقل تكلفة الترجمة عن الدبلجة، لكن يختلف تقييم هذه النقطة بالإيجابية أو السلبية حسب إن كنت مترجمًا أم عميلًا بالطبع.
- دبلجة الفيديو (Dubbing)
تخضع الدبلجة لقواعد أخرى يجب سردها لفهم طبيعتها التقنية والعوامل الأخرى المؤثرة في تفضيلها من عدمه:
- التكلفة الزائدة التي يتحملها الإنتاج بسبب فريق المؤديين الصوتيين أو المدبلجين الذين سيقومون بالدبلجة وربما يتطلب الأمر اختيار مؤدي صوتي لكل شخصية في الفيلم أو المسلسل.
- على عكس الترجمة، الدبلجة هي حل رائع بالنسبة لمن يعانون من ضعف النظر أو ضعف مهارات القراءة.
- بفضل الدبلجة يمكن تطويع الحوار بسلاسة بما يناسب ثقافة الجمهور، إذْ ربما يتضمن المحتوى الأصلي كلمات أو جملًا ممنوعة أخلاقيًا بالنسبة لمجتمعه وتقاليده، فيضمن ذلك أنّ المحتوى آمن بالنسبة للعائلة وخاصة الأطفال والمراهقين.
- تتطلب عملية الدبلجة وقتًا وجهدًا أطول من الترجمة بسبب التعديلات والمتطلبات التقنية التي يقوم بها المحرّرون لتنسيق المقطع الصوتي مع مشاهد الفيديو مع مراعاة الاختلافات بين اللغتين.
- الدولة التي يستهدف الفيديو جمهورها هي عامل مؤثر في تفضيل استخدام الدبلجة، فلكل قطاع من المشاهدين طريقة مفضلة في مشاهدة المحتوى المرئي، وسواء كانت ترجمة أو دبلجة فيجب مراعاة هذه النقطة.
- ونأتي للعامل الأكثر تأثيرًا في اتخاذ القرار بالنسبة للصنّاع، وهي التكلفة الباهظة للدبلجة. حيث لا يُقدم منتجو الأفلام السينمائية على دبلجة الإنتاجات الضخمة الموجهة للجمهور العالمي إلّا بعد تأكدهم من قدرتهم على تغطية تكاليف المشروع، مما لا يجعل القرار سهلًا.
- عادة لا تُستخدم الدبلجة في المشروعات السينمائية الأقل حجمًا والموجهة لجمهور أقل، لأنّ استخدام الدبلجة سيطيل من عملية الإنتاج ويزيد التكلفة.
- الفئة العمرية تلعب دورًا هامًا في اتخاذ القرار، فالأفضل في حال كان المحتوى موجهًا للأطفال مثل أفلام الكرتون أن يُدبلج العمل للوصول لعقل الطفل بشكل أبسط وإضفاء المتعة على المحتوى بالحسّ الفكاهي للمؤديين الصوتيين.
- يواجه المدبلجون تحدي إقناع المشاهد بأنّ العمل لا يُعتبر مدبلجًا وأنّ الصوت البديل لا يقل حضورًا وملاءمةً للشخصية عن الصوت الأصلي خاصة للمشاهدين الذين تابعوا النسخة الأصلية سابقًا، لذا فإنّ مهمتهم تحتاج لمستوى عالِ من الموهبة.
وبعد تعرّفك على مزايا وسلبيات كلٍ من ترجمة ودبلجة الفيديو على حدة، ما عليك الآن إلّا إحضار قلم وورقة والإجابة عن الأسئلة الآتية وتحديد الطريقة المناسبة وفقًا لاحتياجاتك وأهدافك!
- كم حدود ميزانيتك؟
إن كانت محدودة ولن تغطي تكاليف الدبلجة فعليك بالترجمة.
- ما المدة المُخصصة من أجل المشروع؟
إن كنت تملك من الوقت الكثير فلا بأس أن تتّجه للدبلجة، أما إن كنت تحتاج معجزة للّحاق بالموعد المحدد فلا مفرّ من الترجمة.
- ما هي الفئة العمرية المستهدفة من مشروعك؟
الدبلجة ممتعة أكثر للأطفال، أما إن كان موجهًا لكبار السن فإنّ الدبلجة هي الخيار الصحيح.
- ما نوع محتواك؟
إن كان محتواك تعليميًا لطلاب اللغة على سبيل المثال، هنا تكون الترجمة هي الخيار المثالي. أما إن كان المحتوى حساسًا ويحتاج للمعالجة حتّى يناسب الهوية الثقافية للجمهور الآخر فعليك بالدبلجة.
ما تخبرنا به هذه الخطة ببساطة هو أنه لا يوجد خيار مفضّل عن الآخر وإنما خيار أفضل لكل مشروع إنتاج فيديو حسب طبيعته والرسالة المراد وصولها من خلاله، وهو ما يتقنه مبدعونا في جبران. وفي النهاية، يظلّ العنصر الأهم في صياغة المحتوى المترجم سواءً باستخدام الترجمة المكتوبة أو الدبلجة الصوتية هو الرسالة ذاتها وما تحتوي من قيم ومعانٍ. وأن يأتي مستقبلٌ نُخبر فيه العالم عن هويّتنا لتقتحم لغتنا العربية الأذهان سواء كانت مكتوبة أم منطوقة، ولا نقف عند تلقّي المحتوى الأجنبي، وآمل أنك تشاركني الرأي عزيزي القارئ!
Leave a Reply