الدليل الشامل للتوطين
Posted by: GibranAdmin Category: Arabic Tags: , , Comments: 0

الدليل الشامل للتوطين

الدليل الشامل للتوطين

صار عالم اليوم بلا حدود. غدت المنتجات والسلع بانتشار لا يمكن إيقافه، وفتحت الأسواق أبوابها لمن هب ودب. وسرعان ما أدرك التجار وأصحاب الشركات السر وراء نجاح أعمالهم في الأسواق الأجنبية الجديدة: عليهم استخدام اللغة التي يستخدمها العملاء الجدد. لكن إتقان اللغة ليس بأمر الهيّن، ما أدى إلى اختراع كلمة التوطين.

فما هو التوطين؟

إن التوطين عملية تكييف منتج أو خدمة لملاءمة الشروط اللغوية والثقافية والفنية لسوق معين أو منطقة. وينطوي على ترجمة المحتوى إلى اللغات المختلفة مع مراعاة التفاصيل الثقافية، بحيث يظل المنتج شغّالًا وقابلًا للاستخدام بالطريقة المرادة في البيئة المحلية.

وتسعى الشركات من خلال توطين المنتجات أو الخدمات إلى إحساس العملاء الجدد بأن المنتج قد صنع خصيصًا لسوقهم، وليس أنه نسخة مترجمة للمنتج الذي صنع لسوق مختلف. ويتطلّب التوطين الجيد فهمًا عميقًا بلغة الجمهور المستهدف وثقافته واحتياجاته الفنية، إلى جانب العمل الدؤوب لتقديم منتج أو خدمة بأعلى جودة ممكنة.

عناصر التوطين

ثمة عنصران أساسيان في عملية التوطين: توطين اللغة وتوطين الموقع الإلكتروني.

في حين قد يعتقد البعض أن الثقافة والتكنولوجيا خطّان متوازيان، فإن عملية التوطين تعني تكييف المتطلبات التكنولوجية بطريقة تراعي الخلفية الثقافية والمبادئ المعمول بها في منطقة معينة.

ويمكن القول ببساطة أن الموقع الإلكتروني المصمم للعملاء في أوروبا لن يعمل بالجودة ذاتها إن استخدمه القاطنون في البلاد العربية. تلعب الاختلافات الثقافية دورًا هامًا وتشترط لوازم فنية، وعند توطين المواقع الإلكترونية يجب أخذ تلك الاختلافات بعين الاعتبار كي يكون المنتج النهائي مناسبًا للجمهور المستهدف وسهل الاستعمال.

وكما قيل سابقًا، فيعنى التوطين بتخصيص المحتوى، وإن كان نصوصًا أو صورًا أو ما عدا ذلك، حسب المنطقة المستهدفة، مع الحفاظ على المنتج النهائي من الأخطاء اللغوية والنحوية والثقافية.

لِمَ قد يكون التوطين ضروريًا؟

فما أبسط جواب هذا السؤال! للتوسّع في الأسواق الأجنبية. ولهذا السبب من الضروري وضع رؤية واضحة للمنتج أو الخدمة كي يسهل التعديل عليها حسب الأسواق.

ويجدر بالشركات متعددة اللغات، أو الشركات ذات المواقع الإلكترونية المعروضة بالعرض بدلًا من عرض عمودي من الأعلى للأسفل الانتباه لطريقة كتابة الأرقام والتواريخ، إذ أنها تختلف من بلد لآخر.

وقد تكون خطوات عملية التوطين طويلة، لكن التأكد من إتمامها على أكمل وجه سيعود بالنفع على الجميع.

بداية، تبدأ أغلب عمليات التوطين بتحديد الأسواق واللغات المستهدفة، واختيار المترجمين المحترفين تباعًا لتولي عمليات الترجمة بطريقة تتماشى مع الاحتياجات الثقافية.

وبعد ترجمة المحتوى يتم الشروع بعملية التدقيق اللغوي، التي يجريها خبراء التوطين لضمان ترتيب المحتوى حسب القياسات والضوابط الفنية للمنتج أو الخدمة.

وتوطين المواقع الإلكترونية ليس بالأمر المختلف على الإطلاق، بل يتبع ذات الخطوات المذكورة أعلاه. كما تندرج مهمات أخرى في عملية توطين المواقع الإلكترونية، مثل توطين الصور والإشارات الثقافية وتحسين شكل المنتج وتصميمه ليناسب البيئة المحلية. ويجب الانتباه للكثير من التفاصيل عند توطين المواقع الإلكترونية، مثل طريقة العرض على الهواتف المحمولة وعلى الحواسيب، و طريقة العرض حسب متصفّح الإنترنت، وذلك للتيقّن من سهولة استخدام الموقع الإلكتروني في البيئة المستهدفة.

التوطين والترجمة، أمران مختلفان؟

شاع الخطأ في استخدام واحدة بدل الأخرى، ولكل منهما خواص تميّزه عن الآخر.

ففي الترجمة، يتم نقل النص من لغة إلى أخرى، بينما في التوطين يتم تبني النص وتعديله ليراعي الضوابط الثقافية والسلوكية واللغوية والفنية في السوق أو المنطقة المستهدفة.

فيمكن القول إن التوطين عملية أعمق وأكثر دقة من الترجمة، والقصد من التوطين إنتاج محتوى أصلي باللغة الهدف عوضًا عن ترجمة المحتوى المصدر وحسب.

3 أمثلة واقعية على التوطين

تتبنى الشركات حول العالم تقنيات التوطين لتغيير نموذج الأعمال الخاص بها لغايات التحسين والتقدّم، وإليك أمثلة حقيقية:

1. فيسبوك: هيمن هذا الموقع الشهير على الفضاء الرقمي، وأصبح له مستخدمون في جميع أقطار العالم. إلا أن فيسبوك لم يعد موقع الدردشة الذي كان أول إطلاقه، بل صار منصة للأعمال والتسويق تقدّر قيمتها بمليارات الدولارات.

وكان من الضروري تغيير الموقع ليناسب المستخدمين حول العالم. فلم تقم شركة “ميتا” بترجمته فحسب، بل راعت الفروقات الثقافية بين الموقع الأصلي باللغة الإنجليزية والأسواق الجديدة. وعليه أعادت إطلاق الموقع كليًا ليبدو وكأنه صمم بالأصل باللغات العربية والألمانية والصينية وغيرها الكثير.

2. أيكيا: لكل عائلة طريقة للتعبير عن شعور الأمان الذي يعم المنزل، فتتباين طرق التعبير من منزل لآخر على نفس الشارع. فما ظنك بالاختلاف بين الثقافات والدول حول العالم؟

لم تغفل شركة الأثاث العالمية عن تلك النقطة، ففرع أيكيا في الرياض مختلف كل الاختلاف عن الفرع في ستوكهولم بسبب تلك التباينات الثقافية.

ترتكز سياسية التسويق في أيكيا على نهج التوطين. وللأسواق العربية، يتم التشديد على فكرة المنزل والعائلة الكبيرة أكثر من التركيز على مظهر الأثاث. ويأتي هذا التركيز استجابة للعادات والتقاليد السائدة في البلاد العربية.

كما تضمن أيكيا توطين البروشورات بالكامل، من الأسعار وحتى المحتوى التسويقي.

3. لوريال باريس: من الواضح أن ترويج عطر جديد لنساء فرنسا يختلف عن ترويج العطر نفسه لنساء السعودية. وتضع شركة لوريال المناسبات الدينية والخلفيات الثقافية واللغوية في أعلى سلم أولوياتها عند التسويق للمنتجات. فعلى سبيل المثال، تكون العارضة في الدعاية الترويجية لقلم شفاه في فرنسا شقراء بعيون زرقاء، بينما تروّج عارضة حنطية البشرة بعيون بنية المنتج ذاته في البلاد العربية.

كيف يمكن إيجاد أنسب شريك لعمليات التوطين

ثمة عدد من العوامل التي يجب إيلاؤها اهتمامًا شديدًا عند اختيار الشريك اللغوي الذي سيُقْدِمُ على التوطين:

  1. الخبرة: من الأفضل إيجاد مترجم ضليع بمجال التوطين وعليم أيضًا باللغة التي سيتم التوطين إليها والسوق المستهدف.
  2. الجودة: تأكد من اختيار شريك ذي سجل عامر بالمنتجات والخدمات عالية الجودة. كما أن عمليات ضبط الجودة والتطوير المستمر مهمة أيضًا، ويجب أن تلعب دورًا عند اختيار الشريك.
  3. المرونة: تريد اختيار شريك قادر على التكيّف السريع لتلبية الاحتياجات والمتطلبات لكل لغة. ليس هذا فحسب، بل يجب على الشريك أن يكون خبيرًا بتقلّبات الأسواق وتغيّراتها.
  4. التكلفة: اعتبر تكلفة التوطين عند اختيار الشريك اللغوي، ويفضّل اختيار الشريك الذي يناسب ميزانيتك دون أن يفرّط بالجودة.
  5. خدمة العملاء: إن الشريك اللغوي ذا الصيت الحسن سيسهل عليك عملية التوطين، وخاصة إن كان على تواصل مستمر معك خلال عمليات التوطين لضمان أن كل شيء على ما يرام.

الخاتمة

عندما يتعلق الأمر بالتسويق، لا يوجد طريقة واحدة تناسب الجميع؛ فيجب أن يلائم المحتوى التسويقي الثقافات المختلفة. وبتوطين المنتجات والخدمات لتلبية المتطلبات اللغوية والثقافية والفنية للجمهور المستهدف، تضمن من استمرارية أعمالك في الأسواق المختلفة، وإمكانية التوسع في أسواق أخرى. فتظل عملية التوطين سببًا رئيسيًا وراء نمو الشركات ونجاحها في الأسواق العالمية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *